المدونة
الضَباع في عَتّيل بينَ الحقيقة والأسطورَة ..
نشرت في: 09 Sep 2013 من قبل تعليقات (5)

 

الضَباع في عَتّيل
بينَ الحقيقة والأسطورَة ..أوائل الستينات من القرن المنصرم انتشر الحديث عن الضباع بشكل واسع يثير الانتباه أكثر ما يثير القلق .. حتى لا يكاد يخلو حديث للصبية في المساء عن الضبع .. ذلك الوحش الأسطوري الذي لم يره في عتيل أكثر من شاهدين أو ثلاثةً .. ولم يقتصر الحديث عن الضبع على تخويف الناس بل امتد أكثر من ذلك ليصير وسيلةً لادعاء البطولة والشجاعة والقوة .. أحدهم يدعي قتل ضبع والاَخر يدعي القبض عليه وربطه بالزيتونة واَخر يدعي اللعب معه كالقطط واَخر يقبض عليه ويطلق سراحه شفقةً ورحمةً حتى أن تندرات أهل عتيل بلغت أن أحدهم حرث على الضبع حتى الصباح وأطلقه مع شروق الشمس بعد أن تيقن أنه ضبع وقد كان يظنه بغلاً لضخامة جسمه !! وأكثر من ذلك في مرويات لا تخلو من التندر والفكاهة رغم ما تحمله لأطفال البلدة من نذير خوف ورعب لازمهم حتى أثناء نومهم .. فالضبع في مخيلتهم أخطر بكثير من الغولية أو العامورة أو ابو جاموس أو أبو رجل مسلوخة !! حيوان ذكي بارع في الحيلة مراوغ لا ينجو منه الكثيرون .. يتبع الضحية بهدوء يشمشم وراءه ويلقي براحته النتنة حوله حتى يزكم أنفه (فيضبَعُه) وما أن يضبعه حتى يبدأ الضحية في اللحاق به منادياً أياه يايا أو يما ظاناً أنه كذلك .. حتى يصل معه الى وكره أو جحره .. وهناك تبدأ الوليمة .. فينهشه ويأكل لحمه ثم يفصفص عظامه .. ولا من شاف ولا من دري !!
لكن نقطة ضعفه كما يروون .. الناااار .. فما أن تقدح له بالقداحة حتى يبتعد ضارباً ذيله كالشيطان وله ضراط .. وبعد ذلك يعود لضحيته يتملس به ويلقي عليه من رائحته حتى يضبعه لتبدأ رحلة اللحاق به لحاق الطفل بالأب ..
نعم .. هكذا يدّعون .. وهكذا انتشرت أسطورة الضبع في البلدة وفي كثير من القرى المجاورة .. وهي لا تختلف كثيراً في النص بين قرية وأخرى .. أما حجمه كما يروون .. فيراوح بين حجم الكلب والحمار ..
ولونه أما غامق أو مموج أو أنه غير محدد .. وما أن يسأل أحد الصبية رجلاً من أصحاب الخراريف القديمة .. حتى يبدأ في شرح بطولته أو بطولة صاحبه أو بطولة سمعها عن أحد أصحابه قتل أو قبض أو سلخ أو ربط أو غافل أو هرب أو سلم أو نجى من فتنة الضبع الأسطورة ..

ومع كل ما سمعناه عن الضبع وكل هذا الخوف الذي أهلك أعصابنا سنوات طويلة .. الا أننا لم نر خلال عقود أحداً من طخاخي الضباع أحضر جثةً لضبع نتفرج عليها لعل هذه الأسطورة المتخيلة تتحول أمام بعض الصبية الى واقع أقل خوفاً .. ومع أنني أكاد أجزم بذلك .. الا أنني لا أنكر بعض الروايات الصحيحة التي تشير أو تؤكد على وجود الضبع في نواحي عتيل .. وهو بلا شك لا يختلف عن الضباع التي نتفرج عليها في حديقة الحيوانات وهي على أي حال أصغر من الحمار وأصغر وأضعف بكثير من مسموعاتنا القديمة ..
قد أثارت سيرة الضباع خوف الصبية والكبار عدة عقود من الزمن وبني عليها أساطير عجيبة ما زالت دارجةً في أحاديثنا .. ضبعو !! أي أفقده اتزانه وعقله .. ولعل أشهرها ما يتداوله الناس بينهم متندرين على العريس في ليلته الأولى .. طَخ الضبع ؟؟!!
تقول أحدى روايات عتيل القديمة أن أحد أذكياء البلدة كان يسخر من خوف الناس من الضباع ويهزأ ممن يخافون من الضباع ومن شدة خوفهم في أن يضبعون .. فلبس لباساً غريباً وتَقبّع بعباية سوداء وترصد الضبع بحذر وجلس له خلف صخرة .. وما أن جاء الضبع قبالته حتى فتح العبايةبسرعة وصرخ في وجهه فانتفض الضبع من الخوف وولى هارباً خائفاً ولم يعد أبداً .. فانتشرت الرواية في عتيل بأن الخال الفايز .. ضَبَعَ الضَبِع .
والى لقاء

أ. احسان عثمان

التعليقات (5)
  • mohammed hijjeh abu_sarrees Reply

    بوركت وسلمت يمينك استاذ احسان موضوع شيق وطريقة رائعة في كتابة الموضوع وطرحه ، املين منك المزيد المزيد ودعني استميحك عذرا في نسخ ونشر ما كتبت

    17/09/2013 at 08:35
  • ماجد ابوسيح Reply

    موضوع يستحق الكتابة يااستاذ حسان
    نفس الروايات الخرافية سمعتها وانا صغيرفي في منطقتنا في محافظة الحسكة وسمعتها ولم نرى ضبع الى يومنا هذا والى الان نخاف من المجهول الذي نسمع به ولم ولن نراه في بلادنا والله اعلم

    15/01/2016 at 05:20
  • ماجد ابوسيح الجربا Reply

    الحسكة محافظة سورية تقع في اقصى الشرق على المثلث العراقي التركي السوري فيها جبال وانهار ووديان وصحاري وسهول خضراء تجمع المتناقضات فيها عرب واكرا د ومسيحيون ويهود ويزيدين
    واهلها متعايشون ويحترمون ويحبون بعضهم البعض ولايوجد فيها ضباع تاكل البشر انما على تخومها ضباع بشرية تريد ان تاكل اهلها ولازلنا نحاف من الضباع الحيونية

    15/01/2016 at 05:27
    • ابو سيح Reply

      نفس الخرافة عندنا وسمعتها في امكنه كثيرة لم يذكر انه رؤي فيها ضبع واحد . والخرافة موجودة.الضبع يرش بذيله ويضبع الشخص وياخذه عالمغارة وياكله .فلم رعب وكله خيال متكرر على مر الاجيال

      17/01/2016 at 21:03
  • الجربا الشمري Reply

    سلمت يمينك استاذنا الغالي موضوع مميز وطرح راقي… نفس الخرافة وتريتره والسعلوة والضبع وسحال ذويله بالطبق خرافات لزرع الرعب في قلوب اطفال العرب …

    22/01/2016 at 21:58
إضافة تعليق
حول موقع عتيل كوم
موقع عتيل كوم هو موقع خدماتي لا يتبع لأي هيئة او مؤسسة رسمية كانت او أهلية، هدفنا هو ربط أهالي عتيل في الداخل والخارج من خلال ايجاد حلقة وصل تجمعهم.
أرشيف موقعنا
عنوانك الأول لبلدتك
© 2024 جميع الحقوق محفوظة
تصميم وتطوير مصعب ابوالهيجا