المدونة
حاراتُ عَتّيل ..
نشرت في: 01 Sep 2013 من قبل تعليقات (1)
حاراتُ عَتّيل ..

رَغمَ ما شَهدته عَتيل من امتداد عِمراني واسع ونُمو مَلحوظ في أعدادِ المساكِن وتَوسع وأضافات الى شوارعها وتطوير لمَرافقها الحَيويةِ وتَحَسن لافت في بُنيتها الأساسية وما تُلاه من ظُهور الأحياءِ السكنية فيها ..
الا أن أهلَ البَلدة ما زالوا يَستسيغون تَسمية ( الحارة ) باعتبارها شكلاً من أشكال التقسيم الجُغرافي للبلدة اعتادوا عليه مُنذ الانتداب البِريطاني حيث قسّم البلدة الى ثلاثِ حارات .. وِفق نظام الثُلث القائم على اختيار ثلاثة من رجال البلدة عن كل حارة .. يتم اختيار واحد منهم ممثلاً للبلدة وفق نظام المخترة .. الحارة الشمالية والقبلية والغربية وحارات أخرى أضيفت فيما بعد حسب مُتطلبات التَقسيم الحاراتي .. وقد ظل هذا النظامُ سائداً مدةً طويلة من الزمن .. وقد استطاع أهلُ عتيل بِحكمة رِجالهم وبعد نظرهم وشدة توافقهم وعلو حسهم بالمسؤولية أن يحسنوا أدارة البلدة وفق هذا النظام وينشئوا فيها مفاهيم الوفاق والتفاهم التي سادت البلدة وأرست الأسس المتينة لنهضتها وتميزها عن سائر القرى المحيطة ..
ولسنا هنا في صَدد تمجيد حارة أو تفضيل أخرى رغم ما تتميز به كل حارة من حارات عتيل من أمجاد يعتز بها ساكنيها .. فلكل حارة بصمة جميلة وتاريخ يزهو أهلها به في المحافل ..
من حارة الثورة ( الحارة القبلية ) وحارة التعاون والبناء (الحارة الشمالية ) وحارة المجد والتاريخ الحارة الغربية وحارة ( الرجال ) الحارة الشرقية وغيرها من الحارات الأخرى التي تحمل كل واحدة منها بصمةً جميلةً يعتزُ بها ساكنوها ..

لكننا نُدهشُ ونحزن كثيراً كلما سمعنا عن مشاجرة أو اصطراع أو منازعة أو طوشة بين الحارات في القرى المجاورة .. ونستغرب أشد الاستغراب من حدوث ضحايا وأضرار .. فقد اعتدنا في بلدتنا على غير ذلك ..

لقد اعتَدنا على الوفاق الذي تَمتد جذوره عميقةً في تاريخ البلدة .. ولم تشهد عتيل عبر تاريخها المشهود أو المسموع أي شكل من أشكال الصراع أو النزاع بين الحارات بالرغم من بعض المناكفات والفكاهات والممازحات التي لا يخلو منها المجتمع الفلاحي .. والتي كانت تحصل أحياناً بين الحارات .. الا انها كانت تُحل بالحوار والملاطفة والكلام الطيب والوعد بالخير .. على أحد دكاكين عتيل أو في أحد مجالس المخاتير أو في بيت شيخ حكيم ساع للصلح والوئام .. وكهول عتيل الأفاضل يشهدون على ذلك ويحدثون به أبنائهم وأبناء أبنائهم …
هكذا هي عتيل منذ زمن طويل ..
بلدةُ الوفاق من غير تزمت أو تنطع أو رغبة في انتقام أو منازعة أو تحرش ..

المسجدُ القديم في وسط البلدة يجمع كل الحارات في الصلاة .. والأفران القديمة تجمع كل النساء من عدة حارات .. وعَصّارات الزيتون المشتركة تجمع قاطفي وتجار الزيت والزيتون من كل الحارات .. والدكاكين على مفترق كل حارة تجمع الأحبة على غير تمييز .. والمُصاهرة والقرابة وحفلات الأعراس وبيوت العزاء وغير ذلك كله لم يكن في عتيل الا رابطاً متيناً يجمع أول البلدة باَخرها ولا سبيل والحالة هذه الى شقاق أو نزاع ..

ومع أن تقسيم الحاراتِ كان يقوم على أساس جغرافي فيه بعض النزعة الحمائلية .. الا أن نظام الحمولة في عتيل تجاوز كل ذلك منذ زمن بعيد .. فالمختار مرةً من الحارة الشمالية وأخرى من القبلية ومرة من الشرقية أو الغربية .. ولا خلاف البتة على مخترة ..
هذا هو وجه عتيل الناصع الذي نعرفه منذ عقود ونعتز به .. وهؤلاء هم أهل عتيل الذين نفخر بالانتماء اليهم وهكذا نساء عتيل الحرائر اللائي يقفن بجدارة وحزم وجهد وأخلاص وراء كل هذا المجد ..
حفظ الله بلدتنا وأهلنا وبارك لنا فيها وجعل مودتنا بيننا مقيمة وحفظ الوطن ..

أ. احسان عثمان

التعليقات (1)
  • شعبان صعيدي-الكويت Reply

    أحسنت يا أستاذ إحسان العثمان أنت إسم على مسمى وهذا طرح علمي رائع من إنسان محترم مثلكم أيها الأخ العزيز فقد قررت حقائق واضحة وأصعب شئ هو شرح الشئ الواضح. جزاكم الله خيرا وأدامكم الله سندا لأهلك ولبلدتكم ولوطنكم الذي يعتز بكم.

    وأخيرا اسمح لي الاقتباس منكم “حفظ الله بلدنا وأهلنا وبارك لنا فيها وجعل مودتنا بيننا مقيمة وحفظ الوطن..”

    02/09/2013 at 21:35
إضافة تعليق
حول موقع عتيل كوم
موقع عتيل كوم هو موقع خدماتي لا يتبع لأي هيئة او مؤسسة رسمية كانت او أهلية، هدفنا هو ربط أهالي عتيل في الداخل والخارج من خلال ايجاد حلقة وصل تجمعهم.
أرشيف موقعنا
عنوانك الأول لبلدتك
© 2024 جميع الحقوق محفوظة
تصميم وتطوير مصعب ابوالهيجا